#حكايا_المودة :قصة عطاء أم مسنة

في منزل متعاون، تعيش عائلتي المتواضعة، وأنا واحدة من أبنائها، كان أخي الذي يبلغ من العمر 35 عامًا، يشكل مصدر قلق دائم لوالدتي التي تجاوزت الستين من عمرها، هو لا يعتمد على نفسه ماديًا، وأمي تتعلق به بشكل كبير، إذا فشل في شيء تتأثر حالتها النفسية بشكل كبير، فهي تراه وكأنه لا يزال طفلها الصغير.

حب أمي لنا كبيرًا، وكانت تفني حياتها من أجلنا، كلما نظرت إلى وجهها المتعب من السهر والتفكير فينا، شعرت بأنني بحاجة لفعل شيء لحمايتها من هذا القلق المستمر على أخي، نحن جميعًا كبرنا وأصبح لكل منا حياته الخاصة، وحان الوقت أن تهتم أمي بنفسها وبصحتها، بعيدًا عن همومنا.

ذات ليلة، بعد يوم طويل من التفكير، قررت أن أكتب استشارة لجمعية المودة للتنمية الأسرية، كنت بحاجة إلى نصيحة حول كيفية إقناع أمي بالاهتمام بنفسها أكثر، وأن تترك أخي ليعتمد على نفسه، كتبت مشكلتي بالتفصيل وأرسلتها.

جاء الرد سريعًا من أحد المستشارين، كان مليئًا بالنصائح القيمة والمفيدة، أخبروني أن قلب الأم كبير وعطوف، وأن القلق المفرط على الأبناء قد يأتي بنتائج عكسية، أكدوا لي أن الحل لا يكمن فقط في تغيير سلوك أمي، بل أيضًا في تحفيز أخي على الاعتماد على نفسه.

نصحوني بأن أبدأ بحوار مفتوح مع أخي، أشرح له مدى تأثير اعتماده على والدتنا على صحتها النفسية والجسدية، يجب أن يفهم أن عليه تحمل مسؤولياته بنفسه، كما نصحوني بأن أظهر لأمي مدى استقلاليتنا كأبناء، وأننا قادرون على العناية بأنفسنا وببعضنا البعض.

بدأت بتطبيق هذه النصائح، وجلست مع أخي في حديث صريح، شرحت له مدى تأثير تصرفاته على أمي، وكم هو مهم أن يبدأ بالاعتماد على نفسه، لحسن الحظ، تفهم أخي الوضع وبدأ في محاولة تغيير نمط حياته.

في نفس الوقت، بدأت في إظهار حبنا واهتمامنا كأبناء لأمنا، كنا نجتمع سوياً ونقضي وقتًا ممتعًا معها، مما جعلها تشعر بالراحة والطمأنينة، رأينا الفرحة في عينيها عندما رأتنا مترابطين وسعداء.

ومع مرور الوقت، بدأت أمي تولي اهتمامًا أكبر لصحتها، كنت أرافقها إلى مواعيدها الطبية وأحرص على أن تتناول أدويتها بانتظام، كما قمت بتوفير مساعدة لها في المنزل لضمان راحتها.

أدركت أن التغيير يحتاج إلى وقت وصبر، ولكن رؤية والدتي تتحسن وتبدأ بالاهتمام بنفسها كانت أكبر مكافأة لي، أصبح أخي أكثر استقلالية، وبدأت أمي تشعر بالراحة والاطمئنان، وعادت الابتسامة إلى وجهها.

أحيانًا، تكمن الحلول في الحوار الصادق والمحبة، وفي إظهار الدعم المتبادل بين أفراد الأسرة.

التعليقات