#حكايا_المودة : قصة نورة ووالدها

اسمي نورة، وعائلتي كانت دائمًا مضرب المثل في الحب والتفاهم. كنا نعيش حياة سعيدة ومليئة بالدفء تحت جناح والدينا الذين تزوجا منذ ثلاثين عامًا. صحيح أن المشاكل كانت تطرأ بين الحين والآخر، لكنها كانت تُحل بسرعة وتُنسى. كانت علاقتنا بوالدنا قوية جدًا، فهو لم يكن مجرد أب، بل صديق وأخ.

ولكن، قبل أشهر قليلة، جاءت الصدمة الكبرى. جلسنا جميعًا حول طاولة العشاء، وأعلن والدي بصوت هادئ ولكنه حازم أنه سيتزوج من امرأة أخرى. كلماته كانت كالصاعقة على رؤوسنا. والدتي، التي كانت تتحدث دائمًا بروحها المرحة وابتسامتها الدافئة، تحولت إلى صورة من الحزن والانكسار. رأيت في عينيها الألم والخذلان.

أخذت على عاتقي مهمة التحدث إلى والدي. شعرت بأن علي أن أفهم منه لماذا قرر هذا القرار القاسي دون أن يفتح قلبه لوالدتي أو حتى يناقشها. ذهبت إليه وقلبي مليء بالغضب والحزن، وسألته بكل هدوء: "أبي، لماذا تفعل هذا؟ ألا ترى كيف تُحطم قلب والدتي؟"

نظر إليَّ ببرود وقال: "نورة، هذا حقي وأنا لا أقصر معكم. سأظل أحبكم وأهتم بكم. لكن قراري هذا نهائي." كانت كلماته كالسكاكين في قلبي. كان أسلوبه غريبًا، قاسيًا، وكأنه يتحدث إلى غرباء وليس إلى أبنائه الذين يحبونه.

عدت إلى والدتي وقلبي مليء بالقلق والخوف. كيف سأساعدها في تجاوز هذه الأزمة؟ كانت نصائح الأصدقاء والعائلة تشير إلى أن نحاول التأقلم والقبول بالواقع. قررنا أن ندعم والدتي ونقف بجانبها بكل حب واحترام.

بدأنا نشجعها على الاهتمام بنفسها والظهور بأجمل صورة ممكنة. نصحناها بأن لا تدع الحزن يسيطر على حياتها، بل تكون قوية كما عهدناها دائمًا. وبدأنا نتعاون جميعًا في المنزل، نحاول إسعاد والدتنا وتخفيف ألمها.

مرت الأشهر، وبدأنا نرى تغييرًا في والدتنا. كانت تبتسم من جديد، وتشاركنا أحاديثها الجميلة. بدأت تدرك أن الحياة لا تتوقف عند قرار واحد، وأنها قوية بما يكفي لتجاوز هذه المحنة. أما والدي، فقد بدأ يشعر بتأنيب الضمير. رأى كيف أننا لم نتخلى عنه رغم قسوة قراره، وكيف أننا حاولنا بكل جهدنا الحفاظ على تماسك الأسرة

أدركت بعد كل هذه الأحداث أن الحياة مليئة بالتحديات، وأن الحب والصبر هما مفتاح التغلب على أي أزمة. علمتني والدتي كيف تكون المرأة قوية ومستقلة، وكيف يمكن للأسرة أن تكون سندًا وداعمًا في أصعب الأوقات. أما والدي، فقد تعلم بدوره قيمة العدل والاحترام داخل الأسرة.

الآن، نحن نعيش حياة مستقرة وهادئة. ما زلنا نحب والدنا، ونحترم قراراته، ولكننا تعلمنا أن نكون دائمًا بجانب والدتنا، ندعمها ونساندها بكل حب. كانت هذه التجربة درسًا كبيرًا لنا جميعًا، وخرجنا منها أكثر قوة وتماسكًا.

التعليقات